فصل: الشاهد الموفي الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء نور الدين صاحب الموصل على نصيبين.

كان عماد الدين صاحب سنجار ونصيبين قد امتدت أيدي نوابه بنصيبين إلى قرى من أعمال الموصل تجاورهم وبعث إليه في ذلك مجاهد الدين قايمان صاحب دولة الموصل يشكو إليه نوابه سرا من سلطانه نور الدين فلج عماد الدين في ادعاء أنها من أعماله واساء الرد فأعاد نور الدين الرسالة إليه مع بعض مشايخ دولته وقد طرقه المرض فأجاب مثل الأول فنصح الرسول وكان من بقية الأتابك زنكي وعاد إلى فأغلظ له في القول واعتزم نور الدين على المسير إلى نصيبين ووصل الخبر اثر ذلك بوفاة عماد الدين وولاية ابنه قطب الدين فقوي طمع نور الدين في نصيبين وتجهز لها في جمادي سنة أربع وتسعين وسار قطب الدين بن سنجر في عسكره فسبقه نور الدين إلى نصيبين فلما وصل لقيه فهزمه نور الدين ودخل إلى قلعة نصيبين مهزوما ثم أسرى منها إلى حران ومعه نائبه مجاهد الدين برتقش وكاتبوا العادل أبا بكر بن أيوب يستحثونه من دمشق وأقام نور الدين بنصيبين حتى وصل العادل إلى الجزيرة ففارقها إلى الموصل في رمضان من السنة وعاد قطب الدين إليها وكان الموتان قد وقع عسكر نور الدين فمات كثير من أمراء الموصل ومات مجاهد الدين قايمان القائم بالدولة ولما عاد نور الدين إلى الموصل وعاد قطب الدين إلى نصيبين سار العادل إلى ماردين فحاصرها أياما وضيق عليها ثم انصرف والله تعالى أعلم.

.هزيمة الكامل بن العادل على ماردين أمام نور الدين صاحب الموصل وبني عمه ملوك الجزيرة.

لما رحل العادل عن ماردين كما قدمناه جر العساكر عليها للحصار مع ابنه الكامل وعظم ذلك على ملوك الجزيرة وديار بكر وخافوا أن ملكها يغلبهم على أمرهم ولم يكن سار من سار معه منهم عند اشتغاله بحرب نور الدين إلا تقية لكثرة عساكره فلما رجع إلى دمشق وبقي الكامل على ماردين استهانوا بأمره وطمعوا في مدافعه وأغراهم بذلك الظاهر والأفضل ابنا صلاح الدين لفتنتهم مع عمهم العادل فتجهز نور الدين أرسلان شاه صاحب الموصل وسار أول شعبان سنة خمس وتسعين وانتهى إلى دبيس فأقام بها ولحق به ابن عمه قطب الدين محمد بن زنكي صاحب سنجار وابن عمه الآخر سنجر شاه بن غازي صاحب جزيرة ابن عمر حتى إذا انقضي عيد الفطر ارتحلوا وتقدموا إلى مزاحمة الكامل على ماردين وكان أهل ماردين خلال ذلك قد ضاق مخنقهم وجهدهم الحصار وبعث النظام المستولى على دولة صاحبها إلى الكامل يراوده في الصلح وتسليم القلعة له إلى أجل سماه على أن يبيح لهم ما يقويهم من الميرة فأسعفهم بذلك وبينما هم في ذلك جاءهم خبر العساكر فامتنعوا وزحف الكامل مهزوما إلى معسكره بالربض فخرج أهل القلعة إليهم وقاتلوهم إلى المساء ثم أجفل الكامل من ليلته منتصف شوال وعاد إلى بلاده ونهبت أهل القلعة مخلفه وخرج صاحب ماردين وهو بولو ارسلان ابن أبي الغازي فلقي نور الدين وشكره وعاد إلى حصنه ورجع نور الدين وأصحابه إلى تستر ثم سار منها إلى رأس عين فقدم عليها هنالك رسول الظاهر بن صلاح الدين من حلب يطلب له منه السكة والخطبة فوجم لذلك وثنى عزمه عن مظاهرتهم ثم طرقه المرض فبعث إليهم بالغدر وعاد إلى الموصل في ذي الحجة آخر السنة والله تعالى أعلم.

.مسير نور الدين صاحب الموصل إلى بلاد العادل بالجزيرة.

ثم إن الملك العادل ملك مصر سنة ست وتسعين من يد الأفضل ابن أخيه فخشيه الظاهر صاحب حلب وصاحب ماردين وراسلوا نور الدين صاحب الموصل في الاتفاق وأن يسير إلى بلاد العادل بالجزيرة حران والرها والرقة وسنجار فسار نور الدين لملكها في شعبان سنة سبع وتسعين وسار معه ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار وحسام الدين صاحب ماردين وانتهوا إلى رأس عين وكان بحران الفائز بن العادل في عسكر فأرسل إلى نور الدين في الصلح فبادر إلى الإجابة لما وقع في عسكره من الموتان واستحلفهم وحلف لهم وبعثوا إلى العادل فحلف وعاد نور الدين إلى الموصل في ذي القعدة من السنة والله تعالى أعلم.